كتب مهدي زلزلي
كنت عم أجّل الحكي عنك حتى يطلع معي شي يليق بمقامك الرفيع، بس من بعد ما عرفت اليوم انو ابن الجامعة اللبنانية مستبعد من احتمالات التوزير لصالح خريجي الجامعات "المحترمة"، قلت مش رح أنطر أكتر ولو بدي قولهم متل ما هني، وبالعامية..
أول مرة شفتك، كان بالجامعة اللبنانية، وكان يوم امتحان الدخول لقسم اللغة العربية وآدابها لمجموعة من الطلاب كبار السن أمثالنا اللي جايين من اختصاصات تانية، وراجعين للجامعة من بعد تخرجهم الأول بحوالي ٢٠ سنة، بأول سنة بتكون فيها دراسة الأدب العربي متاحة إلهم، ومعظمهم بيكتب شعر ورواية وقصة من سنين..
انت وجاي صوبنا كان صديقي الشاعر محمد باقر أحمد جابر عم يحكيلي عنك وعن أخلاقك وتواضعك، وكنت عم قول بقلبي ليش هلقد عم يبالغ محمد، ومن بعد ما فليت قلت ليش هلقد مقصّر محمد؟
- "انتو أساتذتنا، انتو مش طلاب، لا والله"،
هالعبارة اللي قلتلنا ياها وقتها رح تضلي تكرر مضمونها بتنويعات مختلفة كل ما تشوفني بشي امتحان، لأني وقتي ما كان يسمحلي بحضور المحاضرات وكنت اكتفي بتقديم الامتحانات..
هيدا "لخجل" الحقيقي من كوني (وأمثالي) بهالعمر وهالتجربة طلاب عندك، كنت تتحايل عليه كل مرة بأنك تتصرف كأنك الطالب ونحنا الأساتذة فعليا ومش بس بالحكي.. وكنت تحتار كيف تأمنلنا أجواء مريحة وهادية بالامتحانات وتفكرلنا بالقاعة وبالمقعد وبتوقيت تسليم ورقة الأسئلة وبكل تفصيل تاني ممكن يريحنا من دون ما يكون فيه أي مخالفة للأنظمة والقوانين..
ولأنك بتقدّر الأدب والكلمة الحلوة وبتحب تكرم الناس وتعطيها حقها، اخترت قصيدة لمحمد وحطيت عليها أسئلة لوحدة من مسابقاتك، وخليت الكل يعرفوا إنو هالنص الحلو اللي عم يمتَحَنوا فيه هو لطالب من زملائهم..
بمغسل سيارات على طريق ضيعتك كنت عم بغسل سيارتي ومرقت وشفتني، ناديتني وما سمعت، صفيت سيارتك على جنب وقطعت الطريق حتى تسلم عليي.. سألوني بعد ما مشيت: صديقك؟ قلتلهم بفخر: أستاذي.. وكمان صديقي!
هلقد تواضعك بيحكي عن حاله بأبسط المواقف..
هالسيرة العطرة أكاديميا وإنسانيا تركت أثرها عند كل حدا بيعرفك، لهيك كانت الشهادات بحقك كأنها منسوخة عن بعضها.. بس انت شفت هالشي مش كافي وقررت انو ناقصك لقب "شـ.ـهـ.ـيـ.ـد" وإنك بتستحقه، وأخذته..
إذا كانت الجامعة اللبنانية ما بتخرج مستوزرين، فبيكفيها أنها بتخرج قامات علمية وأدبية متلك ومتل كتار بيستاهلوا كل تقدير واحترام، وبتخرج شـ.ـهـ.ـداء من طلابها وأساتذتها..
"الشـ.ـهـ.ـيـ.ـد الدكتور محمود خليل من بلدة معركة الجنوبية"